بقلم: أوبو تشيان
القنصل العام لجمهورية الصين الشعبية في دبي
يصادف اليوم الـ10 من يونيو، اليوم العالمي للحوار بين الحضارات، الذي اقترحته الصين، واعتمدت الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في يونيو 2024 قراراً بشأنه.
وحيث شاركت 14 دولة في اللجنة الأساسية لصياغة القرار، وانضم للتوقيع عليه 83 دولة بما فها دولة الإمارات العربية المتحدة، وحظي بدعم كامل من جميع الدول الأعضاء.
وعندما تزور الصفحة على الإنترنت لليوم العالمي للحوار بين الحضارات التابع للأمم المتحدة، يمكنك أن ترى تسع صور تعكس جمال التنوع الحضاري وتوضح العبارة في شرح الصور الغاية التي دعت الصين لطرح اعتماد هذا اليوم، وهي أنه «يسهم الحوار في توحيد الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي في ترسيخ تقاليد التعايش السلمي المبني على الثقة بين شعوب العالم».
كما أن المجتمع البشري يقف اليوم عند مفترق طرق جديد وتتصاعد التوترات الجيوسياسية وتتوالى الصراعات الإقليمية، فأصبح البحث عن سبل للتعايش الحضاري المتناغم موضوعاً عصرياً مهماً.
لذلك قدّم الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة الحضارة العالمية في 15 مارس، داعياً إلى تعميق التبادلات والتعلم المتبادل بين الحضارات، وتعزيز تقدم الحضارة والمجتمع الإنساني.
وتقوم المبادرة على أربعة أركان رئيسية، وهي احترام تنوع الحضارات العالمية وتعزيز القيم الإنسانية المشتركة، والحفاظ على الحضارات والابتكار فيها، وتعزيز التبادلات الدولية بين الشعوب، وتقدّم المبادرة الحكمة والرؤية الصينية لمواجهة التحديات والصعوبات التي يواجهها العالم في الوقت الحالي.
ويكمن جوهر مبادرة الحضارة العالمية في ترسيخ رؤية حضارية تقوم على المساواة والتبادل والحوار والتسامح وتتبنى الحضارة الصينية مبدأ التناغم في التنوع الذي أصبح جزءاً من الجينات الثقافية للأمة الصينية ومصدراً فكرياً هاماً لتفاعلها مع العالم.
ورغم أن بعض الأصوات تروج لما يُسمى بـ «صراع الحضارات»، حيث تعتبر تنوع الحضارات مصدراً للصراع، الأمر الذي لا يتوافق مع الرؤية الصينية فقط، بل ينال انتقادات واسعة من المجتمع الدولي.
كما يقول المثل الصيني بأن تنوع الأشياء هو طبيعتها، فينبغي لنا الاعتراف بالقيمة الفريدة لكل حضارة، والتمسك بالمساواة والاحترام، والتخلي عن الغطرسة والتحيز، وتعزيز الحوار والتبادل بين الحضارات لتحقيق تعايش متناغم.
وتتمثل القيمة العميقة لمبادرة الحضارة العالمية في تحويل تنوع الحضارات إلى قوة دافعة لا تنضب لتقدم البشرية.
كل حضارة تحمل في طياتها الروح المتوارثة لأمة ودولة، فهي تحتاج إلى الصون جيلاً بعد جيل، كما تحتاج إلى مواكبة العصر مع الحفاظ على الأصالة والابتكار.
ويجب أن تكون أي حضارة متحركة ومنفتحة مهما كانت البيئة الاجتماعية التي ولدت فيها، وهذا قانون أساسي لانتشار الحضارات.
لقد علمنا التاريخ أن الحضارة التي تنغلق على نفسها مصيرها الأفول، بينما التبادل هو سر استمرار حيويتها.
وتتجلى حقيقة أن الحضارة تزداد بهاء بالتبادل بوضوح في دولة الإمارات وخاصة في دبي.
قد أنشأت الإمارات وزارة للتسامح في عام 2016 لتعمل على ترسيخ ثقافة التسامح والاحترام والتعايش السلمي في المجتمع.
وتعد دبي مدينة عالمية تجمع المقيمين من أكثر من 200 دولة، وتصبح نموذجاً عالمي حيوياً لممارسة مبدأ «التناغم في التنوع» وتثبت إمكانية تعايش الحضارات وازدهارها معاً خلال مسيرتها التنموية.
إن الصين ودولة الإمارات تتمسكان بقيم الانفتاح والتسامح، وتعمقان تعاونهما باستمرار في مجالات التبادل الحضاري والتكامل الثقافي والروابط الإنسانية، وتكتبان معاً فصولاً رائعة للحوار الحضاري في العصر الجديد.
واستقبلت دبي 824 ألف سائح صيني خلال العام الماضي وبنسبة نمو كبيرة بلغت 31 % مقارنة بالعام السابق.
وفتحت 171 مدرسة في الإمارات دورات لتعليم اللغة الصينية، ويتعلم 71 ألف طالب إماراتي اللغة الصينية في إطار «مشروع 100 مدرسة لتعليم اللغة الصينية».
ودخل كتاب «شي جين بينغ: حوكمة الصين» باللغة العربية والأعمال الكلاسيكية الصينية مثل «التاو تي-تشينغ» و«حوارات كونفوشيوس» إلى العديد من المكتبات الإماراتية.
وفي أبريل من هذا العام، حضرت ملتقى الخط الإماراتي الصيني الذي استضافته مكتبة محمد بن راشد، حيث تأثرت بالصفات المميزة لفن الخط في البلدين.
وهناك عدد لا يحصى من التبادلات والتفاعلات مثل هذه بين الصين والإمارات وحققت تدفقًا ثنائي الاتجاه للحوار الحضاري.
نظراً إلى الأمام، فنتطلع إلى مواصلة الصين والإمارات تعميق تنفيذ مبادرة الحضارة العالمية، وبناء منصات جديدة لتبادل الحضارات، وإقامة جسور للتعاون الإنساني، وتطوير مساحات للتواصل بين الشباب، وتقديم للعالم المزيد من النماذج الصينية - الإماراتية للحوار الحضاري، وفتح الطريق نحو ازدهار مشترك.